تبادل القاء السلام بين الرجال والنساء
منذ قديم وهناك أسئلة تثار حول حكم إلقاء السلام من الرجال على النساء الأجنبيات ، أو من النساء على الرجال الأجانب
وقد أجيب عن ذلك بأنه لا بأس أن يسلم الرجل من غير مصافحة على المرأة الأجنبية عنه إذا كانت عجوزاً ، أما السلام على المرأة الشابة الأجنبية فلا ينبغي إذا لم يؤمن من الفتنة
ولما سئل الإمام مالك قرر انه بالنسبة للمرأة العجوز فلا يكره ذلك ، وأما بالنسبة للشابة فيكره ذلك ، وقيل ان السبب هو خوف الفتنة بسماع ردها للسلام
وسئل الأمام احمد فقرر انه بالنسبة للكبيرة فلا بأس ، وأما الشابة فلا تستنطق . يعني لا يطلب منها أن تتكلم برد السلام
وجاء في كتاب الأذكار للنووي ما يلي : فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها ، ولو سلم لم يجز لها رد الجواب ، ولم تسلم هي عليه ابتداء ، فإن سلمت لم تستحق جواباً فإن أجابها كره له
وإن كانت عجوزاً لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل ، وعلى الرجل رد السلام عليها
وإذا كانت النساء جمعاً فيسلم عليهن الرجل . أو كان الرجال جمعاً كثيراً فسلموا على المرأة الواحدة جاز إذا لم يُخَفْ عليه ولا عليهن ولا عليها أو عليهم فتنة
والذي نفهمه من كلام الشيخ الالبانى رحمه الله انه لا يجوز مطلقا إلقاء السلام بين الشباب على الشابات والعكس وذلك سدا للذرائع
والذي نراه في هذا الموضوع ان كلام أئمتنا وعلمائنا محل نظر وذلك للاتي : ــ
أولا : ــ الواجب هو رد التحية عملا بقوله تعالى {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }النساء86
يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية الكريمة : الرد واجب على من سلم عليه فيأثم إن لم يفعل لأنه خالف أمر الله في قوله فحيوا بأحسن منها أو ردوها
وجاء في تفسير السعدى : ويؤخذ من الآية الكريمة الحث على ابتداء السلام والتحية من وجهين أحدهما : أن الله أمر بردها بأحسن منها أو مثلها ، وذلك يستلزم أن التحية مطلوبة شرعًا
الثاني : ما يستفاد من أفعل التفضيل وهو " أحسن " الدال على مشاركة التحية وردها بالحسن ، كما هو الأصل في ذلك
وجاء في تفسير الطبرى : فإن قال قائل أفواجب رد التحية على ما أمر الله به في كتابه ؟
قيل : نعم وبه كان يقول جماعة من المتقدمين
وجاء في البحر المحيط : وفي الآية دليل على أنّ الرد واجب لأجل الأمر ، ولا يدل على وجوب البداءة ، بل هي سنة مؤكدة ، هذا مذهب أكثر العلماء
وجاء في أيسر التفاسير : من هداية الآيات 0000 (4) تأكيد سنة التحية ، ووجوب ردّها بأحسن أو بمثل
وجاء في تفسير النسفى : والتسليم سنة والرد فريضة والأحسن فضل وما من رجل يمر على قوم مسلمين فيسلم عليهم ولا يردون عليه إلا نزع عنهم روح القدس وردت عليه الملائكة
وجاء في تفسير البغوى : واعلم أن السلام سنة ورد السلام فريضة ، وهو فرض على الكفاية ، وكذلك السلام سنة على الكفاية فإذا سلم واحد من جماعة كان كافياً في السنة ، وإذا سلم واحد على جماعة ورد واحد منهم سقط الفرض عن جميعهم
وجاء في تفسير الماوردى : السلام تطوع مستحب ، ورده فرض ، وفيه قولان :
أحدهما : أن فرض رّدِّهِ عَامٌّ في المسلم والكافر ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد
والثاني : أنه خاص في المسلمين دون الكافر ، وهذا قول عطاء
ثانيا : ــ اثبت القران الكريم ان هناك امرأة كانت تجادل النبي في زوجها ، يقول تعالى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }المجادلة1
والمستفاد من الآية الكريمة ان صوت المرأة ليس بعورة ، إذ لو كان كذلك ما سمح النبي للمرأة بالمجادلة
ثالثا : ــ ثبت في القران الكريم ان النساء جئن يبايعن الرسول عليه السلام ، يقول تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الممتحنة12
وقد ورد عن أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها قالت : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : فيما استطعتن وأطقتن فقلنا : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا ، هلم نبايعك يا رسول الله على ذلك قال : إني لا أصافح النساء ، وإنما قولي لمائة امرأة كقولي أو مثل قولي لامرأة واحدة
الراوي: أميمة بنت رقيقة المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: موافقة الخبر - الصفحة أو الرقم: 1/527
خلاصة الدرجة: صحيح
والمستفاد من ذلك كله ان صوت المرأة ليس بعورة ، كما ان النبي كان يتكلم مع النساء وأنهن كن يتكلمن معه
رابعا : ثبت في القرآن الكريم ان هناك امرأة وهبت نفسها للنبي عليه السلام ، يقول تعالى ( َامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) من الآية 50 من سورة الأحزاب
وقد ورد في الحديث الشريف انه قد جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إني وهبت منك نفسي . فقامت طويلا ، فقال رجل : زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة ، قال : ( هل عندك من شيء تصدقها ) قال : ما عندي إلا إزاري ، فقال : ( إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك ، فالتمس شيئا ) . فقال ما أجد شيئا ، فقال : ( التمس ولو خاتما من حديد ) . فلم يجد ، فقال : ( أمعك من القرآن شيء ) . قال : نعم ، سورة كذا ، سورة كذا ، لسور سماها ، فقال : ( زوجناكها بما معك من القرآن ) .
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5135
خلاصة الدرجة: [صحيح]
ويستفاد من هذا كله ان النبي كان يستمع إلى النساء
خامسا : وكما اثبت القرآن الكريم ان النبي كان يتكلم مع النساء وكانت النساء تكلمنه ، فقد جاءت الأحاديث الشريفة أيضا تؤكد ذلك ، وعلى سبيل المثال حديث هند بنت عتبة التي جاءت تشتكى من شح زوجها وذلك على نحو ما جاء في الرواية التالية : دخلت هند بنت عتبة ، امرأة أبي سفيان ، على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت : يا رسول الله ! إن أبا سفيان رجل شحيح . لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني . إلا ما أخذت من ماله بغير علمه . فهل علي في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خذي من ماله بالمعروف ، ما يكفيك ويكفي بنيك ) .
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1714
خلاصة الدرجة: صحيح
سادسا : وكما ثبت من القرآن الكريم ان النبي كان يستمع إلى النساء وكان يحدثهن ويحدثنه ، فقد ثبت أيضا ان الأنبياء السابقين كانوا يتحدثون مع النساء ولا يرون ان أصواتهن عورة ، ومن ذلك قوله تعالى عن موسى عليه السلام {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ }القصص23
ومن ذلك قوله تعالى عن سليمان عليه السلام {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }النمل44
سابعا : وقد ورد ان امرأة أقامت حجتها على الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث ورد ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لا تزيدوا في مهور النساء وإن كانت بنت ذي القصة يعني يزيد بن الحصين الحارثي فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال ، فقالت : امرأة من صفة النساء طويلة في أنفها فطس : ما ذلك لك ؟ قال : ولم ؟ قالت : لأن الله تعالى قال : { وآتيتم إحداهن قنطارا } [ النساء : 20 ] فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصابت امرأة ورجل أخطأ
الراوي: جد مصعب بن عبد الله المحدث: ابن كثير - المصدر: مسند الفاروق - الصفحة أو الرقم: 2/573
خلاصة الدرجة: فيه انقطاع
ثامنا : جاءت الأحاديث الشريفة تحض على إفشاء السلام بين الناس ، ومن ذلك ما يلي :
ــ 2905 - لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا . ولا تؤمنوا حتى تحابوا . أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 54
خلاصة الدرجة: صحيح
ــ 10371 - لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه وقيل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت في الناس لأنظر إليه فلما استثبت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب وكان أول شيء تكلم به أن قال أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام
الراوي: عبد الله بن سلام المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2485
خلاصة الدرجة: صحيح
ــ 208342 - أفشوا السلام وأطعموا الطعام وكونوا إخوانًا كما أمركم الله
الراوي: عبد الله بن عمر المحدث: ابن القطان - المصدر: الوهم والإيهام - الصفحة أو الرقم: 4/575
خلاصة الدرجة: حسن
ــ 203912 - دب إليكم داء الأمم قبلكم البغضاء والحسد والبغضاء هي الحالقة ليس حالقة الشعر ولكن حالقة الدين والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت لكم ذلك أفشوا السلام بينكم
الراوي: عبد الله بن الزبير المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/367
خلاصة الدرجة: إسناده جيد
ــ 203922 - أفشوا السلام كي تعلموا
الراوي: أبو الدرداء المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/368
خلاصة الدرجة: إسناده حسن
ــ 203911 - أفشوا السلام تسلموا
الراوي: البراء المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/367
خلاصة الدرجة: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
ــ 232670 - أفشوا السلام كي تعلوا
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 8/33
خلاصة الدرجة: إسناده جيد
تاسعا : جاء عن ابن عباس قال من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسيا فإن الله يقول { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها }
الراوي: - المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 8/44
خلاصة الدرجة: رجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن أبي إسرائيل وهو ثقة
عاشرا : من خلال الأحاديث النبوية السابقة فانه يتبين لنا ان النبي الكريم لم يقيد إلقاء السلام بقيد ، فهو يحث أمته على إلقاء السلام سواء كان الإلقاء من الرجال على الرجال ، أو من الرجال على النساء ، أو من النساء على النساء ، أو من النساء على الرجال
وبينت السنة النبوية فضل الابتداء بإلقاء السلام حيث جاء في الحديث الشريف أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال السلام عليكم فقال عشر حسنات فمر رجل آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، فقال : ثلاثون حسنة فقام رجل من المجلس و لم يسلم ، فقال رسول الله صلى عليه و سلم ما أوشك ما نسي صاحبكم ! إذا جاء أحدكم المجلس فليسلم ؛ فإن بدا له أن يتطرق فليجلس ، و إذا قام و في رواية : فإن جلس ثم بدا له أن يقوم قبل أن يتفرق المجلس فليسلم ، ما الأولى بأحق من الآخرة
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 757
خلاصة الدرجة: صحيح
وجاء أيضا ان : من قال : ( السلام عليكم ) كتبت له عشر حسنات ، ومن قال : ( السلام عليكم ورحمه الله ) كتبت له عشرون حسنة ، ومن قال : ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) كتبت له ثلاثون حسنة .
الراوي: سهل بن حنيف المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2711
خلاصة الدرجة: صحيح لغيره
ويستفاد من ذلك ان النبي كان يستحث أمته على الابتدار بالسلام حتى ينال البادىء بالأجر الجزيل
حادي عشر : الأصل في الأشياء الإباحة ، فإذا لم يكن هناك دليل يمنع إلقاء السلام من الرجال على النساء أو العكس ، فان الأصل هو الإباحة ، وإذا لم يكن هناك اى نص في القرآن الكريم أو السنة النبوية يحظر علينا إلقاء السلام على النحو السابق ، فكيف نمنع على أنفسنا مثل هذا الإلقاء من السلام من الرجال على النساء أو العكس ؟
ثاني عشر : في اغلب الأحيان نجد ان المرء لا يلقى السلام إلا على من يعرفه من الناس ، خاصة إذا كان يسير في الطرقات بين العشرات أو المئات من الناس ، فإذا صادف رجل امرأة يعرفها كأن تكون أخت زوجته أو ابنة عمه أو زميلته في العمل أو جارته في السكن 000 الخ ، فان الابتدار بإلقاء السلام سوف يزيد من المودة والرحمة والإحساس بالأخوة الإسلامية الصادقة ، أما تجاهل بعضهما بعضا فقد تؤدى إلى القطيعة بين الناس وسوء الظن ، والقاعدة عندنا ان دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة ، فإذا كان الابتدار بإلقاء السلام يحمل في طياته جلب المصلحة فضلا عن دفع الضرر ، فكيف نمنع إلقاء السلام حتى ولو كان من رجل على امرأة أو العكس ؟
ثالث عشر : ليس في إلقاء السلام والرد عليه اى فتنة ، بل العكس هو الصحيح تماما ، فان الذي يلقى السلام على الأخر ، فإنما يقول له اننى أعطيك الأمان من كل مكروه وأذى ، فاطمئن على نفسك ، وتأكد انه ليس لي اى مطمع فيك ، فلا تخش غلى نفسك من شيء ولا تخش على من يلقى السلام عليك من شيء
فإذا كان هذا هو المغزى من إلقاء السلام ، فكيف نقول انه قد تتواجد الفتنة من إلقاء السلام أو الرد عليه ؟
ثم إننا نتكلم مع النساء في كل وقت وحين ، ونستمع إليهن في كل وقت وحين ، ألسنا نستمع إلى المذيعات في قنوات الراديو والتليفزيون ؟
أليس الطبيب يستمع إلى مريضاته ؟
أليس المحامى يستمع إلى موكلاته ؟
أليس البائع يستمع إلى عملائه ؟
نحن نستمع إلى النساء وهن يستمعن إلينا في كل وقت وحين ، ومع ذلك لا توجد اى فتنة بين الطرفين من هذا الاستماع ، فكيف تكون هناك فتنة من إلقاء السلام أو رده مع انه ــ اى الإلقاء أو الرد ــ يكون أكثر احتراما في الإلقاء أو الرد عن مجرد استماع صوت هذه أو تلك في اى ظروف أو مناسبات أخرى ؟
فالأصل إذن ان إلقاء السلام أو الرد عليه لا يثير اى فتنة ، وعلى فرض تواجدها فان صاحبها يكون مريضا وليس طبيعيا ، فالإنسان السوي بطبيعته لا يثيره سماع السلام من المرأة أو ردها على السلام ، والعكس أيضا صحيح ، فالمراة السوية بطبيعتها لا يثيرها سماع صوت الرجل إذا سلم عليها أو رد عليها السلام
رابع عشر : إذا كان لا يجوز إلقاء السلام على المرأة الأجنبية ، فهذا معناه انه لا يجوز الكلام معها في اى موضوع من الموضوعات بحجة سد الذرائع ومنعا للفتنة ، وهذا كلام ليس عليه اى دليل أبدا ، فإذا كان يجوز الكلام مع النساء ــ لعدم وجود الدليل على المنع ــ فان إلقاء السلام عليهن وردهن على السلام يكون جائزا من باب أولى
خامس عشر : ليس هناك اى دليل على التفرقة بين إلقاء السلام على المرأة العجوزة وعدم إلقائه على الشابة ، كما انه ليس هناك اى معيار في معرفة ما إذا كانت تلك المرأة عجوزا أم شابة ، فهل سنقول ان العجوزة هي من بلغت الستين مثلا ؟
فكيف اعرف ان التي امامى قد بلغت هذا السن أو لم تبلغه ؟
فهل نقول سنأخذ بالمظهر والشكل العام ؟
فكيف اعرف ذلك إذا كانت التي امامى تلبس النقاب على وجهها بحيث لا أرى مظاهرها وملامحها العامة ؟
فعلى اى أساس سنقول ان التي امامى هي عجوز أم شابة ؟
وعلى اى دليل نقول بذلك ؟
سادس عشر : قد تكون المرأة العجوزة ذات صوت جميل ومخارج سليمة للحروف ، بينما الشابة قد تكون عكس ذلك ، فعلى اى أساس نجيز إلقاء السلام على العجوز فقط مع ان الشابة قد يكون صوتها غير شجي وعندها مشاكل خلقية في مخارج الحروف ؟
سابع عشر : قد تكون التي امامى لا تستطيع النطق لعلة مرضية أو لسبب خِلْقى ، وبالتالي لن تقع اى فتنة على الرجل ، ولكن الرجل لا يعرف ابتداء إذا كانت تلك المرأة قادرة على الكلام والنطق أم غير قادرة ، فكيف نمنعه من إلقاء السلام عليها ؟
ثامن عشر : على افتراض وجود فتنة من مجرد إلقاء السلام أو رده المتبادل بين رجل وامرأة دون وجود جمع بينهما ، فهذه الفتنة ربما تكون موجودة حتى مع وجود الجمع ، فإذا قيل ان إلقاء السلام جائز إذا كانت المرأة بحضرة عدد من النساء ، أو كان الرجل بحضرة عدد من الرجال ، أو كان هناك جمع من الرجال والنساء ، وكان السبب في هذا الجواز هو عدم وجود الفتنة ، فان الفتنة قد تتواجد أيضا ولو كان الرجل والمرأة بين الملايين من الناس ، كما أنها ــ اى الفتنة ــ قد لا تتواجد أبدا حتى وان كانا منفردين
تاسع عشر : يجب ان نعيش مع الواقع ، فنحن اليوم نعيش في مجتمع تعمل فيه المرأة في كل مكان وتمتلك أموالا وسيارات وعقارات وغير ذلك من الأمور الأخرى مثلها مثل الرجال تقريبا ، ولا ينبغي أبدا ان ننكر هذه الحقيقة ، فليس هناك بلد في وقتنا الراهن إلا والنساء يعملن في كافة الوظائف الحكومية وغير الحكومية ، وهذا العمل يستدعى تبادل التعامل بين الرجال والنساء ، فكيف يتعامل الرجل معهن بدون كلام ؟
وإذا جاز له الكلام معهن من اجل العمل ، فمن باب أولى يجوز إلقاء السلام عليهن
عشرون : إذا كان يجوز للمرأة ان تتولى القضاء ، فهذا معناه أنها ستتبادل الكلام والحديث مع أصحاب الشكايات والمظالم والدعاوى ، فتستمع لهذا وتسأل ذاك ، وتصدر أحكاما ، فكيف ناتى بعد ذلك ولا نجيز لموظف المحكمة إلقاء السلام على القاضية باعتبارها رئيسته في العمل على الرغم انه يتبادل معها الحديث في حجم وكم القضايا وكل ما يتعلق بتحضير هذه القضايا وما تم فيها من تنفيذ للقرارات 000 الخ ؟
واحد وعشرون : لا أتصور أبدا كيف ادخل بيتي فأجد زوجتي أو ابنتي تجلس وتستضيف أختها أو صديقة لها أو جارتها ، ثم تقع عيني في عين هذه الضيفة ولا ألقى عليها السلام والتحية !!!
لا أتصور أبدا ان هذا السلوك فيه احترام وتقدير لضيفتنا ولزوجتي أو ابنتي
هل عدم الاهتمام بالضيوف على هذا النحو أمر يحث عليه الإسلام ؟
ان الإسلام دين الكرم ويدعو إلى إكرام الضيوف ، ولعل إلقاء السلام والترحيب بالضيف هو ابسط أنواع الكرم ، سواء كان الضيف رجلا أو امرأة
ولعل سؤالي لها عن أخبار وأحوال زوجها وأولادها والاطمئنان على صحتها هو اقل ما يمكن فعله معها باعتبارها ضيفتنا ، فكيف يتصور الاطمئنان عليها وعلى وزوجها وأولادها دون إلقاء السلام عليها بداءة ؟
وخلاصة القول في ذلك انه لا مانع من وجهة نظرنا من تبادل إلقاء السلام من الرجل على المرأة أو من المرأة على الرجل ولا عبرة بالشيخوخة أو الشباب ، والتجمع أو الانفراد
والله اعلم
موضوع: تبادل القاء السلام بين الرجال والنساء 
الأربعاء مارس 09, 2011 1:14 pm
- احصائيات - إتصل بنا - تبرع بإعتمادات لهذا المنتدى
