تزداد صيفاً بسبب نقص سوائل الجسم
صحة الأسرة ... الحصوات خطر يهدد بالفشل الكلوي
القاهرة “الخليج” ماري يعقوب:
الإصابة بحصوات الكليتين من أكثر الأمراض شيوعا في المنطقة العربية نتيجة للعادات الغذائية الخاطئة وإهمال تناول الماء والسوائل في فصل الصيف، وزيادة معدلات التلوث بالرصاص في المدن فضلا عن انتشار مرض البلهارسيا البولية في بعض المناطق مثل الريف المصري.
وعن أهم أسباب الإصابة بالحصوات وتكرار حدوثها وسبل علاجها يقول دكتور بدوي لبيب أستاذ أمراض الباطنة بطب عين شمس إنها من أكثر الأمراض شيوعا بمصر والمنطقة العربية نظرا لعدم الإلمام بالأسلوب الأمثل للتغذية والعادات الخاطئة التي نتبعها في الغذاء من دون الوعي بالأضرار الناتجة عنها ومثال ذلك عادة الإقلال من تناول الماء والسوائل في فصل الصيف أو عند فقدان سوائل من الجسم نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة أو بعد نوبات القيء أو الإسهال حيث يحدث نقص في كمية البول الذي يفرز عن طريق الكليتين مما يؤدي إلى زيادة تركيز بعض العناصر والأملاح المعدنية مثل الكالسيوم وترسيبها في شكل حصوات، كما أن الإفراط في الأغذية التي تساعد على تكوين الحصوات مثل الأغذية الغنية بالكالسيوم كمنتجات الألبان والمشروبات الغنية بمادة الأوكسلات مثل الشاي والشوكولاته والمكسرات والخضراوات مثل الطماطم الطازجة والسبانخ.
ويرى الدكتور عبد الهادي مصباح أستاذ علم المناعة أن للمصريين خصوصية معينة في الإصابة بحصوات الكليتين حيث تلعب الإصابة بالبلهارسيا البولية في الريف المصري دورا خطيرا في هذا الأمر، حيث نجد أن المزارعين والمتعاملين مع مياه القنوات والترع الملوثة بديدان البلهارسيا هم أكثر الأفراد إصابة بالبلهارسيا التي تعتبر من أهم أسباب الإصابة بحصوات الكليتين لأنها تسبب التهابات المثانة وضيق الحالبين مما يؤدي إلى ركود البول وتكوين الحصوات ثم حدوث الالتهابات الصديدية وتكرارها الأمر الذي يصيب الكليتين بالتليف والضمور وينتهي في كثير من الحالات خاصة عند إهمال علاجه بالفشل الكلوي وتمثل البلهارسيا البولية السبب المباشر في إصابة نحو 46% من مرضى الفشل الكلوي.
وعن أنواع الحصوات يقول دكتور نبيل عبد المقصود أستاذ السموم بجامعة القاهرة إن نحو 80% من حصوات المسالك البولية تعود إلى اتحاد عنصر الكالسيوم أوكسلات كما أن نحو 20 30% تعود إلى ترسيب حمض اليوريك في شكل ذرات قاسية تعترض مجرى البول، كما تترسب داخل أنسجة الكلى الداخلية في شكل بلورات مما يتسبب في إضعاف وظيفة الكلية وتتطور الحالة إلى حدوث الفشل الكلوي.
وعادة ما يحدث في مرضى النقرس الذين يعانون من ارتفاع حمض اليوريك في الدم والبول وبالتالي زيادة تكوين الحصوات. جدير بالذكر، أن السبب الرئيسي وراء انتشار النقرس هو التلوث بالرصاص سواء عن طريق الهواء أو وصوله إلى الإنسان عن الطريق الأكل أو الشرب، هذا ما يؤكده دكتور عبد المقصود، مشيرا إلى أن الشائع خطأ هو اعتقادنا في مصر على الأقل أن داء النقرس ينتشر بسبب تناول اللحوم بينما ينتشر بسبب ارتفاع نسبة الرصاص في الجسم ولذلك فإن الإصابة به تزداد بصفة خاصة بين عمال مصانع السيراميك ومصانع البطاريات والكابلات والمعرضين لعوادم السيارات وعمال المصانع التي تتعامل مع البلاستيك المقوى بالرصاص.
وعن أعراض التهاب الكليتين نتيجة تكون حصوات بهما يقول دكتور بدوي لبيب: يبدأ الألم بالزاوية الخلفية للكلية ويصبح مزمنا.. هذه الزاوية المحصورة في ظهر المريض بين الضلع الأخير أفقيا وكتلة العضلات الرأسية التي تغطي العمود الفقري وقد يشعر المريض بألم في البطن من الأمام والجنب، كما يعاني من غثيان وقيء ينتهي بزوال الألم، كما تتأثر المثانة بآلام الكليتين بطريقتين فإما أن يبقى البول في المثانة بالساعات من دون أن يمكنه الخروج وإما أن يخرج في مرات متعددة طوال اليوم وبكميات ضئيلة جدا، وأحيانا ينعكس الألم من الكلية المصابة وينتقل إلى الكلية السليمة ويعاني المريض من البول المدمم الذي ينزل على شكل كرات دموية حمراء كما أن زيادة الدم تحول لون البول إلى الأحمر القاني.
ويبدأ الألم مع الحركة حيث يزداد تحرك الحصوة مما يجرح الغشاء المخاطي للكلية، كما تزداد شدة الألم مع حركة الجسم خاصة أثناء القفز أو ركوب الدراجات أو حتى مع المشي على ارض خشنة كما أن صغر حجم الحصوة يؤدي إلى تحركها الدائم واحتكاكها المستمر بالأغشية المخاطية المحيطة بالكلية على عكس ما يشاع من أن الحصوة الكبيرة هي المسببة للألم الأشد، كما أن اتساع المكان الموجودة به الحصوة يؤدي إلى زيادة الألم حيث تجد الفرصة سانحة للتحرك بحرية كاملة مسببة الآلام الشديدة، كما أن شدة الألم تزداد مع خشونة الحصوة والتهاب المسالك البولية، ولكي يتحقق المريض من أن الآلام التي يشعر بها هي آلام نتيجة لوجود حصوة هناك علامات مميزة منها: يشكو المريض من ألم في فتحة المثانة أو ألم بمجرى البول أو ألم على طرف العضو الذكري وهذا النوع الأخير نلاحظه في المرضى الأطفال من الذكور، كما يظهر الدم بالبول وهو ينشأ من ضغط البول على الحصوة أثناء عملية التبول أو نتيجة لاحتكاك الحصوة بجدار المثانة وقد يكون بكميات قليلة لا ترى بالعين المجردة، كما تزداد حساسية المثانة وفي هذه الحالة تفرغ البول على فترات متتالية وقد لا تستطيع المثانة الاحتفاظ بأقل كمية من البول فتنزل نقط لا إرادية ويزداد الألم وحساسية المثانة مع الحركة وتزول الأعراض عندما ينام المريض على ظهره، حينئذ تبتعد الحصوة عن الجزء الحساس السفلي، كما تزداد شدة الأعراض مع صغر حجم الحصوة.
وهناك أنواع للحصوات يتأتى معها أعراض معينة مثل الحصوات الموجودة بغدة البروستاتا أو بالقرب منها وتنقسم هذه الأعراض إلى نوعين تبعا لمكان الحصوة، فالحصوات خارج غدة البروستاتا تؤدي إلى الشعور بعدم الراحة مع وجود بول بالمثانة وصعوبة التبول وأحيانا يحدث انسداد أثناء التبول، أما إذا كانت الحصوات داخل غدة البروستاتا فلا يشعر المريض بأي عرض مهما كثر عدد الحصوات ولو حتى تعدى العشرين، ولكن أحيانا تحدث أعراض مشابهة لالتهاب البروستاتا وكثرة عدد مرات التبول مع الشعور بحرقان أثناء عملية التبول.
ويرى دكتور بدوي أهمية أن يتم أولا التأكد من سلامة وظائف الكلى لكل من مر ببعض هذه الأعراض أو كلها وذلك بخضوعه للفحص بالأشعة الملونة والموجات فوق الصوتية إلى جانب فحص الدم لقياس نسبة الأملاح مثل الكالسيوم والفسفور وعمل فحص للغدة الجارادرقية حيث إن حدوث الخلل بها يؤدي إلى ارتفاع نسبة الكالسيوم بالدم، كما يجب إجراء فحص صورة للدم حيث إن وجود بعض الأمراض الليمفاوية المسرطنة يؤدي إلى ارتفاع نسبة الكالسيوم في الدم والبول وتكرار حدوث الإصابات وبناء على إجراء هذه الفحوصات الإكلينيكية والمخبرية والإشعاعية يتم تحديد السبب فإذا أظهرت هذه الفحوصات خلو المريض من أي سبب مرضي يكون السبب المباشر لهذه الشكوى هو سوء تنظيم طعام وشراب الشخص.
أما في حالة التأكد من وجود حصوات فإن العلاج كما يقول دكتور بدوي لبيب يختلف باختلاف مكان الحصوة وحجمها، فإذا كانت الحصوة داخل حوض الكلى ولم يتعد قطرها 1 سم يفضل تفتيتها باستخدام الموجات فوق الصوتية مع مراعاة عدم تعريض الكلى لهذه الموجات لفترة طويلة، كذلك ألا تكون الحصوة صلبة لدرجة محاولة تفتيتها أكثر من مرة بالموجات الصوتية، حيث إن زيادة تعريض الكلية إلى هذه الموجات يؤدي إلى إصابة الأنسجة الكلوية بإصابات خطيرة.
ولذلك إذا فشل التفتيت في المرة الأولى لا يفضل إعادة المحاولة مرة أخرى ولكن يتم استخراجها بالمنظار وإذا كانت الحصوة كبيرة الحجم يكون علاجها إما بتكسيرها إلى قطع صغيرة بالمنظار ثم استخراجها وهناك الأسلوب الجراحي ولكنه قد يؤدي إلى تليف الكلية التي خضعت للجراحة في شكل ندبة مكان الجراحة، أما حصوة الحالب إذا كانت صغيرة فيمكن استخراجها بالمنظار وإذا كانت كبيرة يتم استخراجها جراحيا ولكن يجب أن نعرف أن الجراحة قد يتسبب عنها ضيق بالحالب وتليف مكان الجراحة ومع تكرار حدوث الحصوات بالحالب يحتاج المريض إلى توسيع الحالب المصاب، أما بالنسبة لحصوة المثانة فالحل الأمثل للتخلص منها هو تفتيتها بالمنظار.
وعن أسباب حدوث تكرار الحصوات يقول دكتور لبيب: هذا العرض شائع جدا في القطاع الريفي خاصة في حالة انتشار البلهارسيا وما يترتب عليه من ركود البول نتيجة لضيق الحوالب، لهذا فمن الشائع جدا تكرار الإصابة بالحصوات في الكليتين والحالبين بعد علاجها في المرة الأولى وهنا تظهر مشكلة خطيرة وهي قيام بعض الأطباء بإجراء جراحات متكررة لإخراج هذه الحصوات مما يؤدي إلى حدوث تليف بالكلى وإضعاف وظيفتها ما يؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلوي، لهذا نؤكد أهمية عدم إجراء جراحة بالكلية أكثر من مرة والسبب الثاني لتكرار حدوث الحصوات هو ضيق الحوالب نتيجة وجود عيب خلقي بها أو عمليات سابقة لاستخراج الحصوات.
وللوقاية يرى الأطباء أهمية شرب الماء بكميات كبيرة لا تقل عن لترين يوميا تزداد خلال فصل الصيف والاتزان في تناول الأطعمة واللحوم والبعد عن مناطق التلوث بالرصاص والفحص الدوري لعمال الزراعة وعلاجهم من الإصابات الطفيلية حال الكشف عنها خاصة البلهارسيا.