هكذا كان يتاجر الزعيم والعقيد الليبي الهارب من شعبه معمر القذافي بأبنائه.. فقد أجاد اللعب على الحبال، وأتقن الكذب والخداع، وإحداها هي كذبة كبيرة زعم فيها أن رضيعة، قال إنها كانت ابنته بالتبني، قضت بصاروخ أمريكي قبل 25 سنة، ومنذ ذلك التاريخ ملأوا الصحف ومن بعدها الإنترنت بشكوك وشائعات متنوعة تنفي ما زعم وقال، ولكن من دون دليل يشفي غليل المعارضين.
ولأن "حبل الكذب قصير" ولو طال الزمن، فقد أصبح تأكد الشك بالعثور يوم الخميس الماضي على وثائق بباب العزيزية تؤكد أن طائرات الجيش الأمريكي بريئة من قتل هناء القذافي التي كان عمرها 6 أشهر يوم "مصرعها" بالغارة الشهيرة على مقر العقيد.
قصف وانتقام:
شهادة انهاء دورة بالانكليزية باسم هناء الوثائق المكتشفة دليل بأنها كانت طوال 25 سنة، وما تزال، حية من شحم ولحم وتعمل طبيبة في طرابلس الغرب ولها مسؤوليات صحية رسمية كما يشيعون، وربما فرت مع زوجة العقيد وابنته عائشة وأولادها، كما مع زوجات وأولاد 3 من أبنائه: محمد والساعدي وهنيبعل، وربما أصبح الجميع في تونس كما يقولون.
وملخص ما جرى أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الراحل، رونالد ريغان، اتهمت ليبيا بتفجير ملهى "لا بيل" الليلي في برلين يوم 5 أبريل/نيسان 1986 حيث سقط 3 قتلى وألمت الجراح المتنوعة بأكثر من 200 آخرين معظمهم من الجنود الأمريكيين. سريعا تسلم القذافي ردا دمويا من الأمريكيين بغارة بعد 10 أيام على طرابلس وبنغازي شاركت فيها 100 طائرة بقصف قواعد عسكرية ومقرات للمخابرات، وكذلك معقل العقيد القذافي وقسما من مقر سكنه بباب العزيزية، وترك الرد مع الدمار نيرانا انتشر دخانها فوق جثث 37 قتيلا، إضافة الى 170 جريحا من المدنيين، وأسرع القذافي وعرض على صحافي أمريكي جثة رضيعة أخبره بأنها لابنته بالتبني، واسمها هناء، ليصنع أسطورة ويستغلها الى أقصى حد.
ثم راح يفكر طويلا برد مناسب على الغارة، حتى وقع اختياره على ما كان أقسى وأمرّ على الأمريكيين: في 21 ديسمبر/كانون الأول 1988 انفجرت طائرة بوينغ 747 تابعة لشركة PANAM الأمريكية وتحطمت فوق لوكربي باسكتلندا، وعليها 259 شخصا قضوا جميعهم بالكارثة، ومعهم 11 من سكان القرية داهمهم الموت الليبي وهم نيام، وباقي التفاصيل معروف عن "قضية لوكربي" الشهيرة.
ووسط الجدل حول حادثة الطائرة، راح العقيد يستغل الغارة عليه أيضا، فأبقى على مقره مدمرا بالعزيزية وسماه "بيت الصمود" ليراه زواره، وأطلق اسم هناء على عدد من المؤسسات الثقافية والمتاحف والكليات، بل أقام في 2006 احتفالية كبرى لمناسبة مرور 20 سنة على "استشهاد" الرضيعة، وسماه "مهرجان هناء للحرية والسلام" ليؤكد عزمه على إبقاء ما حدث "حيا في ذاكرة الشعب الليبي للأبد" بحسب ما قال في خطابه بالمهرجان، وكان يهيئ لاحتفالية 25 سنة على "استشهادها" أيضا، لولا تداركته ثورة 17 فبراير وعطلت نواياه.
وهذه صورة لهناء ابنة القذافى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]