[b]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبابي الحلوين
كتبتُ لكم مجموعةً من القصصِ الجميلةِ من حكاياتِ جدتي
سأبدأُ اليومَ الحكايةَ الأولى والتي ستكونُ بعنوان
ذكرياتُ جدتي :
كان يامكان في قديم الزمانِ, كانت الجدةُ نوارةُ تجمعُ أحفادها
وأطفالَ الحيِّ لتروي لهم القصصَ الجميلةَ,
وقد إعتادَ الأطفالُ أن يجتمعواعندها كلَّ يومٍ بعدَ صلاةِ
العصرِ,في(قصرها) كما أعتادَ الأطفالُ على تسميتهِ؛ فهوَ بيتٌ برغمِ أنَّهُ
قديمٌ لكنَّهُ مُرتبٌ وجميلٌ, وفيهِ مالذَّ وطابَّ مِنَ الأشياءِ التي
يُحبُّها الأطفالُ .
تجمَّعَ الأطفالُ وهُمْ يضحكونَ ويلعبونَ, أخذتِ الجدَّةُ مكانَها وبدأت
تُنادي عليهم بكَلِماتِها الحنونةِ التي جعلتهُم يجتمعوا حولها ويهدأوا
لِيستمعوا إليها فقالت:
.........اليومَ ياصغاري الحلوين
سأحكي لكم قصةً عن إبني جهاد!.
فقفزَ أحدُ الصغارِ قائلاً: إنهُ خالي ! إلتفتَ آخرُوقال:إنهُ عمِّي! قالت بنتٌ صغيرة: إنهُ أبي!
قالت الجدة:أجل ياصغاري كلُّكُم ,على صواب.....وكما تعلمونَ جميعُكم, أنَّهُ أسيٌر في سجونِ الإحتلال.
عندما كانَ في مثلِ سنِّكُم كانَ يُحبُّ تَعَلُّمَ القرآنِ وكانَ مُطيعاً ومحبوباً.
في يومٍ منْ أيامِ شهرِ رمضانَ الفضيلِ, وبينما كُنَّا نَتَحَلَّقُ حولَ
مائدةِ الإفطار, اذ سمِعْنا أصواتَ إطلاقِ عياراتٍ ناريةٍ, ثمَّ ما لبِثَ
البابُ أنْ فَتَحَهُ أحدُ جنودِ الإحتلالِ, وبدأوا يصرخونَ:أينَ جهاد ؟ ثم
أخذوا يدفعونَ كلَّ مَن كانَ أمامهم. بدأتِ الصغيرةُ إسراءُ تبكي فاحتضنتها
جدتُها ...
بعد أن تجمَّع الأطفالُ, في اليومِ التالي وتناولوا مالذَّ وطابَ من الحلوى
التي أعدَّتها الجدَّةُ نوارة, بدأت الجدةُ تروي على مسمعِ الأطفالِ تتمةَ
القصةِ, فقالت:
بعدَ أنْ هاجمَ جنودُ الإحتلالِ منزِلَنا يطلبونَ إبني جهاد وهُم
ْيضرِبُونَ ويشتُمُونَ كُلَّ ما في طريقِهم , حتى أنَّ الأطفالَ بدأوا
يصرخونَ مِنْ الخوفِ والفزعِ, والأمهاتُ بدأنَ يصرُخنَ ويبكِينَ.
صعدَ أبناءُ القردةِ والخنازيرِ الى الطابقِ الثاني حيثُ كانَ يسكُنُ إبني وعائلتُهُ, وجرُّوهُ بملابسِ النومِ وأمامَ صغارهِ, وهذهِ
سميةُ بينَكُم تروي لكم ماحدثَ.
مسحَتْ سميَّةُ دُموعَها وقالت: حاضر ياجدتي, نعم يا أصدقائي وأحبتي كنتُ
وقتَها في حضنِ أبي يُلاعبُني ويُقبِّلُني عندما إقتحمَ الجنودُ منزِلَنا
ودفعوني بعيداً عن أبي .
إستنجدتُ بأبي ولكنَّهُم بدأوا يُطلِقونَ النَّارَ بينَ قدمَيهِ , وأنا
أبكي ولاأملِكُ لأبي شيئاً. ثُمَّ وفجأةً سمِعْتُ أبي يُناديني وهوَ معهُم
قائلاً: بُنَيَّتي حبيبتي! لاتبكي كُوني شُجاعةً ,سأعودُ إليكِ, فقط
إبتسمي, وكانَ الملاعينُ الجنودُ يفهمونَ العربيةَ, إغتاظوا من والدي فقامَ
احدُهُم بضربِهِ بأسفلِ بُندقيَّتِهِ على بطنهِ فأخفى أبي ألمَهُ وصعدَ
معهُم إلى السيارةِ.
تابعت الجدةُ: نعمْ حتى أنَّنا عندما لحِقْنا بهِ أنا وجدُّكُم رحِمَهُ
اللهُ إلى خارجِ المنزلِ وجدنا عدداً مِنَ السيَّاراتِ العسكريَّةِ وقد
إقتادوا عدداً من الشبابِ من أبناءِ الحيِّ إلى المُعتَقَلِ.
ثُمَّ بعدَ مرورِ أسبوعٍ على غيابِ جهادٍ ذهبتُ مع مجموعةٍ مِنْ نساءِ
الحيِّ لزيارة ِأبناءِنا , عندما وصلنا هناكَ قام َالجنودُ بتفتيشِنا
وأخذوا كُلَّ الطعامِ الذي كُنَّا أعددناهُ لأبناِّئنا ولم يُدخِلُوهُ إليهم
وكانت الزيارةُ قصيرةً وأخرجونا قبلَ أن ينتهي موعدُ الزيارةِ, فبدأ
الأسرى الأبطالُ يُنشِدونَ:
ياظلامَ السِّجْنِ خيِّم إننا نهوى الظلاما
ليسَ بعدَ الليلِ إلا نورُ فجرٍ يتسامى
يكفيكُم ياصغاري ماعرفتمُوه............
بدأَ الأطفالُ يهتفونَ: تابعي ياجدتنا.........!!!!
وهيَ تمسحُ دموعاً من عينيها تقول: هذا يكفي.........غداً
سأحكي لكم قصةً عن إبني عبدالله.
إستسلم َالأطفالُ لرغبةِ الجدةِ وعادوا الى بُيوتِهِم على أملٍ باليومِ الُمقبلِ ليستمعوا للقصةِ الجديدةِ
[/b]