خَرجَ الخَليفَةُ المَهدِيُّ لِلصّيدِ، فَبَعُدَ بِه فَرَسُهُ عَن أصَحابِهِ حَتّى وَصَلَ إلى خِباءِ أعرابي وقَد نَالَهُ جُوعٌ وعَطَش.
فقال للأعرابي: هَل مِن قِرًى؟ فأخرَجَ لَه قُرصَ شَعير فأكَلَهُ، ثم أخَرج له فَضلةً مِن لبنٍ فَسقاهُ مِنها.
فَلمّا شَربَ المهدي قال: أتدري مَن أنا؟
قال: لا.
قال: أنا مِن خَدمِ أميرُ المؤمنين الخاصَّة.
قال الأعرابي: بارك الله لك في مَوضعِك. ثم سقاه مِن اللبن مَرةً أُخرى.
فلمّا شرب قال: يا أعرابي! أتدري مَن أنا؟
قال: زَعَمتَ أنّك مِن خَدَمِ أميرِ المؤمنين الخاصّة.
قال: لا. أنا مِن قُوّادِ أميرِ المؤمنين.
قال الأعرابي: رَحُبَتْ بلادُك وطابَ مُرادُك. ثُمَّ سَقاهُ الثالثة،
فَلمّا فَرغ قال: يا أعرابي! أتدري مَن أنا؟ قال: زَعِمتَ أنّك مِن قواد أمير المؤمنين.
قال: لا. ولكنني أميرُ المؤمنين.
فأخذ الأعرابيُّ مِنه اللبنَ وأراقَهُ على الأرض وقال: إليكَ عَنّي! فوالله لو شَرِبتَ الرابعة لادّعَيتَ أنّكَ رسولُ الله