احترت كثيرا فى وضع عنوان للموضوع فقد تنوعت الكلمات وطالت بعض الأسئلة وقصر بعضها الآخر ولكن جوهر التساؤلات كان واحدا :
ماذا عن كلمة الآن ؟ وفعل "يحدث" المضارع ؟
ويتحول السؤال الى اقتراح :
لم لا أسميه حدث من قبل.
ويأتى الشرح أخيرا :
إن يوم واحد من عمر شعب كفيل بأن يغير كل ما فيه.
أعرف أننا فى سباق مع الزمن وكلمة الآن نفسها افتراض بشرى ففى اللحظة التى أنطق فيها حروفها الأربعة يكون هذا الآن قد أصبح ماضيا تاما. وأعرف أيضا أن المسألة ليست الزمن فى سريانه فالآن هنا كلمة سياسية.
والسؤال هو : هل الآن الذى سأتحدث عنه لاحقا لا يزال قائما أم لا ؟
لو أن ظروفنا تتغير بالأحلام فلا أعتقد أن هناك لجيلى أكثر من أن يصبح فيجد أحلامه ماض لا وجود له. إنها الأمنية الضخمة وبالرغم من ضخامتها لا يستطيع حتى الانسان أن يحلم بها خاصة بعد أن فقدنا القدرة حتى على الحلم.
تحول سؤال الأحباء والأصدقاء ورفاق المحنة والهم والطريق والقضية الى سؤال لى ، ولكن بعد أن أعدت صياغته بطريقتى :
- ماذا عن الحلم بمستقبل أفضل لمجتمعنا ؟
نظرت حولى ؛ استعرت من طفولتى عينيها لكى أرى بأكبر قدر من الدهشة وحتى أتمعن بصورة غير عادية فى كل ما أصبحنا نراه وكأنه من الأمور العادية. حاولت رؤية مجتمعى وكأننى أراه لأول مرة، بكل ما فى المرة الأولى من البكارة.
أكتشف أن آن الماضى هو نفسه آن الحاضر وأن عصر المشاكل ممتد والعرض المسرحى لها ما زال مستمرا. والسنوات الماضية جعلت من المشاكل أمرا عاديا ومن المرفوض أمرا باقيا. بل أن هذا المرفوض يقف على أبواب القبول من كثرة التعود عليه.
لذا فكرت وقررت أن يبقى العنوان كما هو ؛ ليس لأنه يعجبنى ولكن لأن آن الماضى لا يزال هو نفسه آن الحاضر وفعل "يحدث" كما هو : يحدث ولم يتحول الى حدث طوال السنوات الماضية.
يبقى ما يعنينى شخصيا فان كان زمن المشاكل موجودا الآن فى مجتمعنا فلابد وأن يأتى آن أخر من قلب الآتى يجعل آن هذا الزمن ماضيا تاما ، وعلى أمل الوصول الى هذه اللحظه علينا ان نحيا ونحاول باصرار لتحقيق اهدافنا.
أعتقد اننا لن نكتفى بانتظار هذا الذى سيجئ الينا ذات يوم مهمتنا ان نسافر اليه ونبحث عنه لنجده واذا لم نجده نخلقه خلقا.
فهل من مسافر؟
المسافة كبيرة وعميقة بين ما هو موجود وما نتمنى ان يكون بين الحلم والحقيقة..بين الواقع والخيال..ولكننا سنبقى وسنحاول رغم الدروب الممتلئة بالأشواك.
هناك اختلاف وتباعد بين قدراتنا وأحلامنا والصراع بين الحلم والواقع لا ينتهى وسنظل نحاول تحقيق المزيد من الاحلام رغم ان الواقع سيقف سدا منيعا لمواجهة تلك الأحلام.
والشئ الوحيد الذى يساعدنا على تحمل قسوة الواقع انتظارنا لغد أفضل حتى وان لم يأتى هذا الغد.
وأتمنى لأحلامنا أن تظل بعيدة عن واقعنا لكى لا يتسلل اليأس اليه ..
فهل باستطاعتنا ان نعبر حدود الاحلام والامنيات ؛ أم علينا الحزن والانتظار ونترقب الآتى ولا يأتى ؟؟